جذور التطرف الطائفي في سوريا

كيف شكّلت السياسات الأجنبية وصراعات ما بعد الاستقلال الطريق إلى التطرف




منشوف اليوم آراء بتقلك التطرف هو نتاج الثورة وأنو ما كان فيه هيك تطرف من قبل بس بالواقع التطرف والطائفية موجودين من أيام الاحتلال العثماني وتجسد تحديداً بأول حرب أهلية طائفية بسوريا عام 1860 بين الموارنة والدروز. (مقال: حرب الدروز والموارنة 1860).

المجتمع السوري متنوع دينياً وطائفياً وهي نقطة سخرتها قوى الاحتلال لصالحها، رافق ضعف الدولة العثمانية بسنينها الأخيرة بداية ظهور الحركات القومية في سوريا وظهور حركات دينية متشددة بتطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية.

المجتمع السوري اللي طلع من الاحتلال العثماني كانت الهوية الوطنية ما وصلت لمرحلة النضوج وكان في انقسام فكري ومشاكل اجتماعية من تركات السنين الأخيرة للعثمانيين، هاد كلو خلى سهل على الانتداب الفرنسي تطبيق سياسة "فرق تسد" واللي ساوت شرخ أكبر بالمجتمع السوري من خلال تقسيم سوريا لدويلات طائفية حتى تبقى هي الدويلات متنافرة بين بعضها وتضل بحاجة فرنسا، وهيك تبقى سوريا تحت الانتداب.

في مقالة منشورة لصحيفة "لو فيغارو" الفرنسية ألقت باللوم بكل الأحداث الطائفية في سوريا على فرنسا بسبب سياستها بالتقسيم والمحاصصة على أساس طائفي، ودعمها لجماعات على حساب جماعات، ورغم أنو هي الدويلات الطائفية ما صمدت بسبب الضغط الشعبي السوري، قدرت دولة لبنان الكبير "المسيحية" تبقى مستقلة لليوم باسم "الجمهورية اللبنانية".


بعد استقلال سوريا بعام 1946، ما كانت الأوضاع بأحسن أحوالها، بسبب آثار السياسة الفرنسية، ورغم قدرة الزعماء الوطنيين يوحدوا ويجمعوا السوريين بالفترة الأولى، بقي للطائفة ورجال الدين تأثير كبير على المجتمع وشهد صعود جماعات دينية متل الأخوان المسلمين في حلب و حماة، بالمقابل سعت طوائف وأقليات تانية للوصول للسلطة والقدرة على التأثير على الدولة من خلال الجيش متسترة بأحزاب قومية مختلفة، وشهدت سوريا فترة انقلابات من عام 1949 لـ 1970 وصل عددها لعشرين انقلاب وكان كل انقلاب بيرفع وبيخفض من دور طائفة معينة.


بعام 1970 صار انقلاب حافظ الاسد واستلم مقاليد الحكم، وشهدت سوريا مرحلة قمع سياسي مو مسبوق وقّف الانقلابات الروتينية، وكانت أحداث التمانينات بين السلطة الحاكمة والأخوان المسلمين أكبر المواجهات الطائفية بعد الاستقلال، وشهد تنامي التطرف بين الطرفين، وسبب قمع حافظ الأسد لانتفاضة الاخوان المسلمين بحماة عام 1982 عشرات آلاف الضحايا، وهاد الشي وإن بدى أنو كان نهاية هاد الصرع بس بالواقع سبب تنامي الأحقاد، وبعد ما ورّث حافظ الأسد السلطة لأبنو استمرت سياسة القمع لكل صوت معارض، وهاد الاحتقان والكبت انفجر على صورة ثورة عام 2011.


في البداية شهدت سوريا مظاهرات سلمية كانت عم تطالب بالحرية بس استخدام العنف المفرط من قبل النظام رفع سقف المطالب وصار التركيز على اسقاطو، هالشي كمان دفع لتشكّل مجموعات مسلّحة معارضة "معتدلة" متل الجيش الحر بس مع مرور الوقت وزيادة الاستقطاب الطائفي وتصاعد حالات العنف صارت سوريا أرض خصبة للفكر المتطرف وهاد هيء الأجواء لتنامي الأحقاد الطائفية وهاد الواقع فتح الباب لدخول متطرفين يدعموا الطرفين، فشارك مع النظام ميليشات طائفية متل حزب الله، ولواء فاطميون وزينبيون وحركة النجباء وغيرها. وبالمقابل بلشت التنظيمات الجهادية المعادية للنظام تفوت على سوريا أبرزها داعش وجماعات قريبة من تنظيم القاعدة والتيار السلفي المتشدد. ومع هالتطورات تعاظم الفكر المتطرف وارتفع الاحتقان الطائفي بشكل كبير، وصارت مناطق كتيرة بسوريا خلال الحرب مسرح لجرائم طائفية تركت جروح وندبات عميقة بالمجتمع السوري.


بيتبيّن من تتبّع المسار التاريخي لسوريا أنّو جذور التطرف والانقسام الطائفي مو وليدة الثورة ولا نتيجة ظرف واحد، وإنما هي تراكمات ممتدّة من العهد العثماني مروراً بالانتداب الفرنسي ووصولاً لمرحلة ما بعد الاستقلال. فغياب الهوية الوطنية الجامعة، وتوظيف القوى الأجنبية للطوائف، وصراع الأحزاب والجماعات على السلطة، إضافة لعقود من القمع السياسي كلّها كانت عوامل أسست لبيئة هشّة قابلة للاشتعال عند أي أزمة. ووقت بلشت الثورة عام 2011، طلعت هي التراكمات دفعة واحدة، فتحوّل الحراك الشعبي لحرب مفتوحة عم تغذّيها التدخلات الخارجية والتنظيمات المتطرفة من مختلف الأطراف. 

لهيك ولفهم الواقع السوري اليوم ما ممكن أنو ينفصل عن هاد الإرث الطويل من الانقسامات، كمان أي محاولة لبناء مستقبل مستقر ما بتنجح إلا عبر معالجة هي الجذور التاريخية، وترسيخ دولة المواطنة والقانون، وإعادة ترميم الروابط اللي هشّمتها قرون من الصراعات والتوظيفات الطائفية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق