الحجاب بين العادة والفرض

قراءة تاريخية في جدل عمره أكثر من قرن عن الحجاب في المجتمع السوري




الحجاب عادة شعبية ولا فريضة دينية؟

رغم أنو نقاش هيك قضية اليوم يعتبر نوع من أنواع الترف من بين كل القضايا اللي عم يعاني منها المجتمع، بس هاد الموضوع انطرح أول مرة للنقاش بشكل علني عام 1919 تحت قبة البرلمان السوري من قِبل سكرتير المجلس محمد عزة دروزة، ووقتها دعا لنقاش كل المواضيع الشائكة بالمجتمع السوري بما فيها "مسألة الحجاب" وقال أنو الحجاب عادة مبتدعة ما بصير نحملها على التقاليد الدينية.

طرح الموضوع كان بوقت بيشبه الوضع اليوم فالبلد كانت ببداية مرحلة جديدة مع خروج المحتل العثماني، وبداية تشكل معالم الهوية السورية الحديثة قبل وصول الفرنسيين لسوريا، بوقتها هاج النواب الإسلاميين وتكرر النقاش بالموضوع مرة تانية عام 1920، وهي المرة بعد ما طلعت رئيسة جميعة "النجمة الحمراء" نازك العابد بدون حجاب بشوارع دمشق، وكانت شايلة بارودة على كتفها مشان تشارك بمعركة ميسلون مع وزير الحربية يوسف العظمة.

بعام 1922 طلعت مظاهرة نسوية شارك فيها سيدات دمشقيات بدون غطى وكان منهن سارة مؤيد العظم زوجة الزعيم الوطني عبد الرحمن الشهبندر للمطالبة بإطلاق سراحو، وكانوا رافعين مناديل بيضا بإيديهن مو على راسهن.

بآذار عام 1928 الكاتبة السورية اللبنانية نظيرة زين الدين أصدرت كتابها "السفور والحجاب"، كتابها المؤلف من 420 صفحة، دافعت فيه زين الدين عن السفور وسمحت لحالها تفسّر النص القرآني المتعلق بحجاب المرأة، أي سورة النور، وقالت إنو وبحسب فهمها فالحجاب غير ملزم في الإسلام، علماً أنها كانت إمرأة محتشمة.

هاد الكتاب عمل ضجة كبيرة بسوريا ولبنان ورد عليه كتير من الشيوخ بس ما كانت الردود تصل درجة التحريض على نظيرة زين الدين أو تكفيرها، وعاشت بأمان بدون ما يصير شي يهدد حياتها.

معلمات سوريات وسطهن السيدة جيهان موصلي أول برلمانية سورية

شجع كتاب نظيرة زين الدين السياسي السوري فخري البارودي عضو الكتلة الوطنية على اصدار كتيب عن الموضوع بعد أشهر من اصدار الكتاب وكان بعنوان: "فصل الخطاب بين السفور والحجاب" ودافع فيو البارودي عن تحرر المرأة من الحجاب وبالسوري قال:

بالسفور يللي بيقول، بده يقلّد إسطنبول...
لو فكرنا بالعقول، كانت فكرة عال العال
دمّي فار من النسوان، والمشايخ والشبّان...
أمشوا شوية بهالأوطان، مشية جدّ مو بعر جمال.
اليوم المرأة مظلومة، وكل أحوالها معلومة...
من كل الأشياء محرومة، حتى من عطف الرجال.
بدنا سفور بهالأيام، يا قومي حاجتنا خُصام.


فترة العشرينات صار فيها نوع من التحدي للحجاب خاصة بعد كتاب نظيرة زين الدين، ومن السيدات السوريات اللي تحدوا الحجاب كانت ليلى بنت رئيس مجلس الشورى بديع مؤيد العظم، والمعلمة ثريا الحافظ اللي صارت بعدين أول مرشحة لمجلس الشعب السوري عام 1953، بالإضافة لماري عجمي الصحفية والأديبة واللي كانت من أكتر الناشطات المدافعات عن حرية اللباس واعتبرت الحجاب قيد اجتماعي، رغم أنها ما شافتو مشكلة إذا كان الحجاب هو خيار المرأة نفسها.

مظاهرة نسائية في دمشق عام 1939 ضد قرار ضم لواء الاسكندرون لتركيا

صحيح أنو الحجاب ما كان في سوريا إلزامي بأي فترة زمنية بتاريخ سوريا، بس كان في نوع من الإلزامية المجتمعية، وهاد شي بيشابه اليوم بعض المناطق المحافظة في سوريا اللي بتضطر المرأة على الحجاب والتزام بلباس معين بسبب قيود المجتمع.

النضال النسوي السوري ما كان ضد الحجاب كرمز ديني وإنما بسبب فرضو بالقوة من بعض الأُسر واستخدام الحجاب كأداة لاقصاء المرأة السورية في مجالات مختلفة، وبالتالي التركيز على مجابهة الإكراه ورفض الإجبار على الحجاب مو رفض الحجاب بحد ذاتو.

اليوم بتعاني المرأة السورية من مشاكل كتيرة بتتعلق بعدم المساواة مع الرجّال، وضعف مشاركتها السياسيّة، وقلة تمثيلها بالسلطة وبمواقع اتخاذ القرار، بالإضافة لمشاكل كتيرة وحساسة متل العنف ضد المرأة، وجرائم الشرف، وعدم قدرتها على منح الجنسية لأولادها وغيرها كتير.

مراجع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق