العلمانية في سوريا
العلمانية ليست فكرة جديدة على السوريين بل متجذرة بتاريخ دولتهم
كتير ناس اليوم بيفكروا إنو العلمانية فكرة دخيلة على سوريا أو فكر جاي جديد على السوريين، بس الحقيقة إنو العلمانية ثقافة سورية قديمة متجذرة بتاريخ الدولة السورية، ومكتوبة بدساتيرها من أول ما تأسست الجمهورية.
من وقت الاستقلال، كان في وعي عند المؤسسين إنو الدولة لازم تكون لكل مواطنيها، مو بس لأتباع دين أو طائفة معينة. دستور 1950 مثلاً، أكّد بشكل واضح إنو "حرية الاعتقاد مصونة"، وإنو "الدين لله والوطن للجميع" وما كان في نص بيعطي امتياز لطائفة على حساب التانية، وهاد مو استيراد من الغرب، هاد تعبير عن واقعنا لأنو سوريا من يوم يومها بلد متنوع، وما في شي بيحمي هالتنوع غير الدولة المدنية العلمانية.
العلمانية السورية مو ضد الدين، بالعكس هي بتصون الدين، وبتخلي الممارسة الدينية حرة ونضيفة بعيد عن الاستغلال السياسي، لأنو وقت الدين بيتحوّل لأداة بإيد السياسيين بينحرف عن جوهرو الروحي وبيصير سلاح للفرقة أما العلمانية بتقول: خلّو الإيمان للناس، والسياسة للدولة، وهيك الدين بيتم احترامو، والسياسة بتضل محكومة بالعقل والمصلحة العامة.
اللي بيخلي العلمانية السورية مميزة إنو ما بتشبه النموذج الفرنسي المتشدد، ولا التركي اللي انبنى عالإقصاء وهي أقرب لفكرة التوازن: الدولة محايدة تجاه الأديان، بس بتحمي الكل وبتعترف بالكل. المواطن ما بينقاس بدينو، بينقاس بانتماؤو للوطن.
اليوم بعد سنين طويلة من الحرب والانقسام منرجع منكتشف قديش العلمانية ضرورة وجودية، لأنو كل ما ارتفع صوت طائفي، كان عم يجر البلد لدم جديد وشرخ أعمق. التجارب اللي عشناها أثبتت أنو ما فينا نعيش إلا تحت سقف دولة علمانية، بتحط كل المواطنين عخط واحد قدام القانون، وبتساوي بين الجميع بالحقوق والواجبات.
العلمانية السورية هي الحامي الحقيقي للوحدة الوطنية والعدل والمساواة بين كل المواطنين السوريين، وقال أنطون سعادة بهاد الخصوص: "لا مجتمع بلا عدل، ولا عدل بلا مساواة" والمساواة الحقيقية ما بتصير إذا الدولة نفسها منحازة لدين أو طائفة.
لهيك العلمانية مو رفاهية فكرية، ولا شعار نخبوي هي الشرط الأول ليبقى الوطن وطن، مو مزرعة محكومة بالانتماءات الضيقة، وسوريا محتاجة ترجع لهل الروح: دولة مدنية، علمانية، قومية سورية، بتجمع وما بتفرق، بتحمي الكل وما بتلغي حدا.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق