بين سواد الخمار وألوان الأغباني
حكاية لباس المرأة السورية من الأناقة التقليدية إلى الغربة المفروضة
الملاية دخلت وانتشرت بسوريا الطبيعية بوقت متأخر من العهد العثماني، تقريباً بالقرن 18 وبداية القرن 19، وكانت متأثرة بالزي الرسمي للنساء في اسطنبول ومناطق النفوذ العثماني الحضري بالأناضول.
الملاية ظهرت أول شي بالمدن الكبيرة متل دمشق، حلب، القدس، وبيروت، وكانت جزء من اللباس الرسمي لما تطلع المرأة من بيتها، وتلبسها فوق الفستان، بلون أسود أو كحلي أو بنفسجي غامق، من قماش ساتان أو حرير، وبتنلبس مع شال أو غطا خفيف على الوجه.
الزي كان مرتبط بـ"البرجوازية الشامية" أو نساء الطبقات المتوسطة والعليا.
الخمار الأسود... كيف فات على عتبة بيوتنا؟
من شي 30 سنة، إذا مو أكتر بشوي، ما كان الواحد يشوف الخمار الأسود (اللي بنسمّيه اليوم "النقاب") ماشي بالشام أو حلب أو اللاذقية إلا نادر، ودايمًا مرتبط بالناس اللي إجوا من برّات المدن أو من بيئات شديدة المحافظة. كان لبس النسوان بالشام مثلًا بيتميّز بـ"المانطو" والطرحة أو "الشرشف"، وكانت ألوانه فاتحة، من الحرير أو الأغباني، وحتى لو في حجاب، ما كان السواد هو اللون المهيمن.بس من بداية التسعينات، وخصوصي بعد التمدد الخليجي وتأثير القنوات الفضائية والدعاة الجدد، بلّش ينتشر شي جديد على بيوتنا: الخمار الأسود، الطويل، المُطبق، المغلّف للمرأة من راسها لساسها. وصارت بناتنا تلبسوه مو عن قناعة داخلية، بل من باب "السترة" والخوف من الحكي، أو من باب التقليد الديني اللي صار فجأة دارج وكأنو هو الحقيقة الوحيدة.
ما فينا ننكر إنو الحرب بعد 2011 زادت الطين بلّة، ومع وجود تيارات دينية متشددة ببعض المناطق، صار الخمار هو اللبس الإجباري أحيانًا، خصوصي بمناطق الشمال. وبهالطريقة، دخل الخمار على حياتنا مو كخيار شخصي، بل كمشهد سياسي اجتماعي محمّل بثقافة وافدة، وكتير بعيدة عن اللباس السوري التقليدي اللي كان يوم من الأيام مليان ألوان وتفاصيل محلية.
ما فينا ننكر إنو الحرب بعد 2011 زادت الطين بلّة، ومع وجود تيارات دينية متشددة ببعض المناطق، صار الخمار هو اللبس الإجباري أحيانًا، خصوصي بمناطق الشمال. وبهالطريقة، دخل الخمار على حياتنا مو كخيار شخصي، بل كمشهد سياسي اجتماعي محمّل بثقافة وافدة، وكتير بعيدة عن اللباس السوري التقليدي اللي كان يوم من الأيام مليان ألوان وتفاصيل محلية.
لبس دمشق… الأغباني والمنديل المعطّر
بالشام، كانت النسوان بتلبس "المانطو" الطويل، المطرّز بخيوط ناعمة، فوقه طرحة بيضا أو كحلية، حريرية، بتنلبس بلباقة وأناقة. وغالبًا بترافقها حلي دهب أو حتى قماش أغباني ناعم من سوق الحرير. اللبس الشامي كان بسيط بس فيه لمعة حضارة.في حلب، اللبس الشعبي كان عنوانه التطريز بالدهب. الفستان الحلبي طويل، ضيق من الخصر، وبيزيّنوه بخيوط فضة أو دهب، مع منديل الراس المعروف بـ"المقرونة"، ألوانه بتتراوح بين الأحمر والعنابي. اللبس الحلبي دايمًا بيحكي عن رفاهية مدينة عريقة بالتجارة والفن.
دير الزور… الهبرية وسحر الفرات
بالشرق، وتحديدًا دير الزور، النساء كانوا يلبسوا "التوب الطويل" مع "الزبون" فوقه، وبيكملوا الطلّة بـ"الهبرية" السودا أو الكحلية، يلي تنربط عالراس وتزيّن أحيانًا بليرات دهب. (مقال الهبرية الفراتية) التوب نفسه يكون مزركش بألوان زاهية، وبيحكي عن طبيعة نهر الفرات الخصبة وروح البادية.

حوران… العرجة والفضة النقيّة
بدرعا والسويداء، النساء كانوا يتزيّنوا بـ"العرجة" أو "الطربوش"، يلي بيتزيّن بليرات دهب ومعدن، مع تياب طويلة واسعة، غالبًا مطرزة يدويًا. وما بين "المرشم" الفضي و"الخزام"، كانت الحورانية تحكي عن أصالة وكرامة.
جبل حوران

سهل حوران
اللاذقية وطرطوس… بحر وألوان
بالمناطق الساحلية، اللباس خفيف ومتل الموج. النساء يلبسوا تياب واسعة بألوان البحر، أزرق، أخضر، مع شالات مشغولة بالكروشيه، وغالبًا ما تكون القماشة قطنية ناعمة، لتتناسب مع الرطوبة. اللبس هون بيغني، مو بس بيتلبس.
.jpeg)
إدلب… الفلاحة المطرزة
بإدلب وريفها، التوب الفلاحي كان ملك. طويل، مطرّز من الصدر للكمّ، بلون عنابي أو كحلي، مع شوية ورود أو رموز مستوحاة من الطبيعة. النساء هون كانوا يفتخروا بشغل إيديهن، وكان اللبس بيحمّل رسالة أمومة وحصاد.القندورة السراقبية الإدلبية
الرقة والحسكة… الدراعة ووشم الشيلة
بالمناطق الشرقية، كانت المرأة تلبس "الدراعة" الطويلة، وتغطي شعرها بـ"الشيلة" أو "الطرحة"، المطرزة من الأطراف، وأحيانًا مزينة برموز قبلية. اللبس هون بدوي الطابع، بسيط بس إلو هيبة.الخمار الأسود السفلي والملاية العثمانية فاتوا عبيوتنا من بوابة الدين، بس مو من بوابة التراث. اللباس السوري التقليدي كان أكتر من مجرد قماشة... كان هوية، لون، حرف، شغل إيد، وذاكرة بتتحرك على أجساد الناس.
رجعوا تطلعوا بصور جداتكن… بتلاقوا الجمال الحقيقي، مو باللون الأسود، بل بألوان الحقل، الفرح، والمواسم.
لباس المرأة السورية كان دائماً لباس محتشم فالستر مو شرط يكون بالأسود، وتغييب الألوان شي ما بيشبهنا ولا بيشبه ثقافتنا، وحرير الماضي صار محكوم بسواد الحاضر وأفكاره الغريبة عن الثقافة السورية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق