السوري من الطائفة إلى الوطن
الطريق إلى انقاذ سوريا يبدأ من إعادة بناء الهوية السورية
الأزمة بسوريا هي أكبر من كونها أزمة سياسية أو صراع على السلطة، هي بالواقع اشبه بزلزال ضرب أعماق الهوية السورية، فهزّ أركان الانتماء، وفتح جروح لسا ما اندملت لليوم. لهيك إنقاذ سوريا ما ممكن يكون بس بالحلول السياسية أو الإغاثة الاقتصادية، وإنما بمشروع وطني عميق قادر يبني ويرمم الهوية السورية اللي اتشوهت، وتعرضت للتشكيك والانقسام.
التنوع الطائفي بالمشرق بين سني وعلوي وشيعي ودرزي واسماعيلي ومسيحي وغيرو شكلت فسيفساء غنية ميزت هي المنطقة طول العصور، بس بسبب التدخل الخارجي اللي حاول يكون الو ايد بالمنطقة وتحديداً مع ضعف الدولة العثمانية بنهاية القرن الـ 19 بلش يظهر الخطاب الطائفي والعنصري بين المشرقيين.
التدخل الأجنبي بالمشرق شحن المكونات ضد بعضها، وتحول المشرق لساحة صراعات بالوكالة، وصار الخطاب الطائفي بين السوريين يشكل فرصة للتدخل السياسي الخارجي تحت حجة حماية طائفة أو أقلية أو مجموعة عرقية.
اليوم صار السؤال المطروح شو يعني يكون الواحد سوري؟ وشو هو اللي بوحد السوريين بعد كل هاد الدم وارتفاع الخطاب الطائفي؟
ترميم الهوية السورية ما بيعني إلغاء التنوع، لأنو إعادة بناء الهوية السورية بيعني أولا الاعتراف بالتعددية ضمن وحدة وطنية متماسكة، فالهويات الفرعية ما لازم تلتغى، وأنما لازم يتم احترامها ودمجها بهوية أوسع تحت اسم واحد هو "سوريا"، وهاد بيتطلب خطاب جديد من الدولة والمجتمع، بس ما لازم يتشكل على أساس الخوف من الطرف التاني، وانما على فهمه وتقديره.
بهي المرحلة الحساسة من تاريخ سوريا ما ممكن نقدر نرمم الهوية السورية بدون إصلاح جذري بالتعليم والإعلام، وهاد بفرض علينا أنو تكون مناهجنا السورية الجديدة بتحكي التاريخ السوري بإنصاف بدون تزوير وتهميش، وبفرض علينا نعلم أولادنا أنو وطنهن ما ممكن اختصاره بطائفة أو حزب أو قومية، أما الإعلام السوري الجديد لازم يتبع خطاب جامع، ويصير مساهم برفع الوعي الجمعي عند الشعب السوري.
السلام الدائم بسوريا اساسه هوية سورية جامعة موحدة لأنو مالو معنى إعادة إعمار المدن، إذا ما ترممت النفوس، وإذا ما حس السوري بأقصى الشمال أو الجنوب أنو هو شريك حقيقي بالوطن.
إنقاذ سوريا ببلش من جوا، ببلش من الإنسان السوري نفسو، فوقت بحس المواطن السوري أنو محترم، مرئي، مسموع، وأنو هويته جزء أصيل من هوية بلاده، رح يوقف عن الهروب والتحصن بالطائفة والدين، فترميم الهوية السورية هو الطريق لوطن ما بقصي حدا، ولا بقدّس حدا، وطن سوري بساوي بين كل السوريين تحت اسم واحد هو سوريا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق