التجارب التاريخية تنذر الثورة السورية

من إسقاط الطغاة لصناعة مستبدين جدد هو وجه آخر لبعض الثورات




الثورات مصدر أمل للشعوب اللي بتطمح للحرية والعدالة، وغالباً بتمثل لحظة فارقة بتاريخ الشعوب المتعطشة لبناء مستقبل جديد.


بس للأسف، التاريخ بيحكيلنا قصص كتيرة عن ثورات انحرفت عن مسارها وتحولت من رفض الاستبداد لإنتاج نسخة جديدة منو، يمكن بمسميات وشعارات مختلفة بس بنفس الجوهر القمعي. المقال بيعرض بعض هي الأمثلة للتحذير من مواجهة المصير نفسه.


الثورة الفرنسية: من الحرية لسطوة الامبراطور نابليون

لما قامت الثورة الفرنسية سنة الـ 1789 بلشت بشعارات نبيلة: "الحرية، المساواة، الأخوة". هي الشعارات عبرت عن طموح الشعب انو يتخلص من الحكم الملكي الظالم وهيمنة الطبقية عالمجتمع، بس خلال اقل من خمس سنين، دخلت الثورة بمرحلة "عصر الارهاب"، كانت الاعدامات العشوائية بحجج متل "معاداة الثورة" أو "الخيانة" عنوان هالمرحلة.


وصل عدد ضحايا الإعدامات لآلاف بمشهد مشابه جداً لقمع النظام الملكي اللي ثارت عليه جماهير فرنسا. واحد من ابرز قادة الثورة، ماكسيميليان روبسبيير، اللي كان معارض لعقوبة الاعدام بمسيرته المهنية كمحامي وقانوني، قاد هو بنفسه موجة من الإعدامات التعسفية ضد كل من اعتبرهن أعداء الثورة، بس بنهاية المطاف انقلبت الظروف ضده وتم إعدامه بنفس الأسلوب اللي طبقو عالآخرين.


بعد فترة من الفوضى السياسية، استغل الجنرال نابليون بونابارت الوضع واستولى على السلطة وبحجة أنو الثورة بحاجة للإستقرار وإنو هو القادر على حماية إنجازاتها من الفساد والفوضى، قدر يأسس نظام امبراطوري توسعي جديد.  


تم استخدام المقصلة خلال عهد الإرهاب في فرنسا بين عامي 1793-1794

الثورة الروسية: من إسقاط القيصر لحكم الفرد

بسنة الـ 1917 أطاحت الثورة الروسية بالحكم القيصري الاستبدادي وتأمل الروس ببناء دولة قائمة على العدالة الاجتماعية، بس للأسف هي التطلعات كلها أحبطت لما انتقلت السلطة لقبضة الحزب البلشفي بقيادة لينين على الرغم من وعوده بالمساواة والعدالة، أسس لينين جهاز "التشيكا"، وهو جهاز استخباراتي قمعي، استخدم العنف والاعتقالات السياسية ضد المعارضين. 


بعد لينين انتقلت السلطة لجوزيف ستالين اللي كرَّس دكتاتورية أقسى من سابقتها بإعتماده على الاعتقالات الجماعية والتصفيات السياسية، وهيك صار الاتحاد السوفييتي نموذج لحكم الحزب الواحد القائم على القوة لا على الإرادة الشعبية واللي هو مرجع آساسي لكتير من الديكتاتوريات بالشرق الأوسط. 

فلاديمير لينين خلال الثورة الروسية عام 1917

الثورة الإيرانية: من إسقاط الشاه إلى حكم رجال الدين

سنة الـ 1979 نجحت الثورة الإيرانية بإسقاط نظام الشاه محمد رضا بهلوي اللي كان منظور اله على انو رمز الفساد والإستبداد.


ومتل الثورات السابقة، تأمل الإيرانيين بمستقبل جديد و ضجت الشوارع بهتافات الحرية والعدالة، بلشت الأمور بتحالف بين الإسلاميين واليساريين والقوميين، بس الخميني بسرعة بلّش يسيطر عالوضع وعين حكومة مؤقتة شكلية بوقت القوة الفعلية كانت بإيدو. 


بآذار 1979 طرح استفتاء شعبي وتقرر على أساسو تأسيس جمهورية إسلامية وبعدها تعدل الدستور ليعطي المرشد الأعلى سلطة مطلقة، وببداية التمانينات تم إقصاء المعارضين بالقوة وانفرد الاسلاميين بالحكم.


متظاهرون يرفعون صورة آية الله الخميني في طهران عام 1978

الثورة السورية: دروس من الماضي وتحديات المستقبل

الحذر واجب خاصة لما نشوف هالتجارب التاريخية المحبطة، السوريين قدمو تضحيات كبيرة للحرية والكرامة ونحن اليوم بمرحلة حساسة مع صراعات قوى وتوجهات مختلفة لتشكيل مستقبل بلد. 


العامل المشترك بين كل هي الثورات اللي ما قدرت تحافظ على مسارها الأصلي هو تقديس وتبجيل الأشخاص، وخاصة رموز الثورة. لما بيتحول القائد الثوري لشخصية فوق النقد والمساءلة، بتصير الثورة مهددة بالانحراف عن مبادئها الأصلية، هالشي بمهد الطريق للاستبداد الجديد باسم الحرية.


محبتنا لرموز الثورة وتضحياتها ما لازم يمنعنا انو نشوف التحديات الجاية وأهمها عدم تكرار أخطاء الثورات  السابقة، التاريخ مليان أمثلة عن قادة ثوريين تحولو لمستبدين بمجرد وصولهم للسلطة: ماكسيميليان روبسبيير، فلاديمير لينين، آية الله الخميني، فيديل كاسترو، معمر القذافي والقائمة تطول.…

الحماس الثوري لحالو ما بيبني دولة عادلة؛ لازم يكون في وعي سياسي، وترسيخ لمبادئ الديمقراطية، والحرص انو ما تتحول السلطة الجديدة بشرعيتها الثورية لصورة تانية من الإستبداد.


 التاريخ مو قدر محتوم، بس تحذير لازم ناخده بعين الإعتبار!


المصادر:

  1. عهد الإرهاب في فرنسا
  2. How images of mass violence shape identities across French history
  3. أرض الدماء وإرث ما بعد السوفيات.. الثورة الروسية وإمبريالية القرن الـ 20
  4. الثورة البلشفية
  5. Russian Revolution
  6. الثورة الإسلامية في إيران
  7. In Pictures: Iran's 1979 Islamic Revolution
  8. كيف انقلب «الخميني» على رفاقه؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق