خزف الرقة إشراقة الفن السوري عبر العصور
حول السوريون الطين لكنز يعرض في كبرى المتاحف العالمية
فن الخزف هو فن صنع وتشكيل الأواني والأشكال المختلفة من الطين ومنتجاته عبر تسخينها بدرجات حرارة عالية مشان تصير صلبة ومقاومة، وهاد الفن يعتبر من أقدم الفنون اللي مارستها الحضارات البشرية، وكان البشر بتستخدمو الأواني الفخارية المزخرفة لأغراض منزلية وشعائرية وفنية.
تاريخ صناعة الخزف بمدينة الرقة بمتد لقرون وكان ركيزة أساسية لاقتصاد المدينة، وخزف الرقة انعرف عالمياً بجودته وتصميماته الفريدة، وبتميز خزف الرقة بألوانه الزاهية، وأنماطه الهندسية والنباتية المعقدة، وبيستخدم بصناعته الطين المحلي بطريقة تقليدية، وبتم تشكيل الخزف باستخدام أدوات يدوية، وهاد بخلي كل قطعة ألها طابع فريد.
ورغم ارتباط خزف الرقة باسم مدينة الرقة بس ما كانت وحدها الرقة مركز صناعته فخلال عمليات تنقيب أثرية التقى خزف الرقة بمواقع مختلفة على نهر الفرات، حتى صار مصطلح "خزف الرقة" أو بالانكليزية "Raqqa ware" مستخدم للإشارة لمجموعة شاملة من الخزفيات اللي بتندرج بنفس الأسلوب، وممكن نشوف خزف الرقة بمصر والأناضول.
يعتبر خزف الرقة من أهم الصناعات اليدوية اللي نشئت بالعهد الإسلامي بسوريا بمدينة الرقة خاصة بعهد العباسيين والسلاجقة والأيوبيين.
حسب الدكتورة مارلين جينكينز مادينا الحاصلة على درجة الدكتوراه في تاريخ الفن الإسلامي من جامعة نيويورك وبالإضافة لمؤرخين تانيين فأزدياد الاهتمام بالشرق عند الغرب بنهاية القرن 19 وبداية القرن 20 وخصوصا بعد ترجمة ألف ليلة وليلة ساهم برفع الطلب المنتجات الشرقية التقليدية الفنية ومن أهمها خزف الرقة، اللي انتشر بشكل كبير بالأسواق الأوروبية وأغلبية القطع اللي انتشرت ما كانت صنع الرقة وتم تزوير تاريخها واسمها.
سادت الرسوم والأشكال الهندسية والنباتية المنمقة الأسلوب في الخزف والقاشاني العباسي، وتم تطعيمها بالخطوط والكتابات العربية، ومن شواهد هاد الأسلوب المتقن زبدية بضمها متحف دمشق الوطني، عليها كتابات بتوضح أنها صنعت في "الحيرة" حنب الرقة، وعليها خصائص تشكيلية تكاملت فيها القيمة الجمالية والدلالية بالقيمة الوظيفية.
حافظت مدينة الرقة على دورها الريادي بإنتاج الخزف والصناعات والفنون التقليدية حتى اتدمرت على إيد المغول عام 1259.
كتب الباحث "وليد مشوح" في كتاب "حضارة وادي الفرات" عن الموضوع وذكر أنو الرقة كانت مركز لمعامل خزفية وزجاجية، بتكفي سكان المدينة وبتفيض، وبتصدر لدول تانية، وذكر أنو صناعة الفخار والخزف والزجاج كانت منتشرة ورائجة وهاد خلى الصناعين يتزاحمو مشان يتقنوها وصارو يتفننو بالرسومات والكتابات والألوان والأشكال، وذكر أنو كان في نوع رسمت زخارفه باللون الأسود تحت دهان أزرق فيروزي، أما ألوان البريق المعدني السائد فكان البني الغامق وهو من الألوان النادر استعمالها بمراكز صناعة الخزف التانية، وبزين أواني الرقة زخارف نباتية وكتابات نسخية أو كوفية، وأحياناً رسوم طيور محورة.
في كتاب الفنون الإسلامية لـ"أحمد محمد عيسى" ذكر أنو الخزف الإسلامي المعروف بخزف الرقة من الخطأ أنو ينتسب لعصر هارون الرشيد، لأنو زخارفها وأسلوب الرسم بدل على أنها بلشت بعصر أقدم والمرجح أنو صناعة خزف الرقة بترجع للقرن 11 أو قبل حتى.
خزف الرقة اليوم هو ككنز معروض بالمتاحف الكبرى في العالم، متل متحف المتروبوليتان للفنون في نيويورك، ومتحف أشمولي في أكسفورد وهو أقدم متحف في بريطانيا وواحد من أقدم المتاحف بالعالم، وطبعا معروض في سوريا بمتحف دمشق الوطني ومتحف حلب.
للأسف خلال الحرب تأثرت صناعة الخزف بشكل كبير، وفي محاولات محلية فردية لإحياء هاد التراث من خلال دعم الحرفيين المحليين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق