العلويون بين مطالب الانفصال والوحدة الوطنية

دور فرنسا في إذكاء مطالب الانفصال العلوي وصمود الخيار الوطني



لما صار تجاوزات بحق أفراد من الطائفة العلوية بسوريا طلعت أصوات من شيوخ وشخصيات من الطائفة مهددة أو مطالبة بتدخل دولي وحماية دولية وبالتالي مطلب غير مباشر بالانفصال.


تاريخياً المطالبة بدولة علوية في سوريا كانت جزء من التطورات السياسية والاجتماعية اللي صارت بالمنطقة بالقرن العشرين، وبترجع جذورها للتوترات الطائفية والسياسية بين الطوائف المختلفة في سوريا، وبالأخص بين الطائفة العلوية والسلطات الحاكمة.


تاريخ العلويين في سوريا طويل ومعقد، بالعصور الوسطى كان العلويين بيعيشو بالمناطق الجبلية الساحلية في سوريا، متل منطقة جبل لبنان ومنطقة اللاذقية.




بفترة الانتداب الفرنسي على سوريا بلش الفرنسيين يعاملو العلويين بطريقة مميزة من خلال دعم العلويين كمجموعة عرقية وطائفية حتى تكون حليف الهن ضد القوى الوطنية السورية التانية اللي كانت بتطالب بالاستقلال، وهاد الدعم شمل إقامة قوات شبه عسكرية علوية وتوفير فرص تعليمية وإدارية للأبناء العلويين.


المطالبة بدولة علوية كان لأول مرة في تلاتينات القرن العشرين، وبسبب وجود روابط اجتماعية وثقافية قوية بين العلويين، تم طرح فكرة إنشاء "دولة علوية" على غرار الدول الطائفية اللي كانت موجودة ببعض المناطق، وهاد كان جزء من التوترات اللي صارت بين العلويين وبين الحكومات الوطنية السورية. 


كانت هي المطالب بتتزايد مع استمرار عدم استقرار الوضع السياسي في سوريا، خاصة بعد الاستقلال عن فرنسا بعام 1946.


بعام 1963 صار تحول كبير لما وصل وصل حزب البعث للسلطة بعد انقلاب 8 آذار، وكان حافظ الأسد وهو من الطائفة العلوية، واحد من الشخصيات البارزة في الحزب، وبعام 1970 انقلب على حزبو واستلم الحكم وصار من هداك الوقت العلويين جزء مهم بالنخبة الحاكمة بسوريا، والمطالبة بدولة علوية تلاشت تدريجياً قبل ما ترجع تبلش هي المطالب من جديد مع سقوط نظام الأسد.


بالمقابل تاريخياً كان في عدد من الشخصيات العلوية السورية الوطنية اللي رفضت فكرة الانفصال أو إقامة كيان منفصل للعلويين في سوريا، وفضلو يشتغلو مشان وحدة سوريا وأمنها. 


هي الشخصيات كانت بتمثل مصالح العلويين في إطار مشروع الدولة السورية الموحدة، مع الحفاظ على حقوقهن ومكانتهن ضمن المجتمع السوري. 


من هي الشخصيات أحمد المير اللي يعتبر من الشخصيات العلوية البارزة اللي شاركت في مقاومة الاحتلال الفرنسي وساهمت في الحركات الوطنية اللي كانت تهدف إلى استقلال سوريا وكان أحمد المير كان واحد من القادة العسكريين البارزين في المنطقة الجبلية العلوية (سوريا ولبنان)، وكان من المناهضين للفكرة الطائفية والانفصال.


ومن الشخصيات العلوية المعروفة اللي عارضت اقامة دولة علوية زكي الأرسوزي، وفي كتير شيوخ وعيل علوية بالساحل السوري رفضت التعاون مع الفرنسيين في مشروع "دولة العلويين"، وأكدت انتماءها لسوريا الموحدة منها عائلة الكنج اللي كانت متصدرة المشهد السياسي للطائفي بالفترة اللي سبقت خروج فرنسا وكان الها دور بتوحيد سوريا ورفض دولة اللاذقية العلوية، وكانت رموز العيلة على تواصل مع ابراهيم هنانو وسلطان باشا الأطرش.


من العيل اللي رفضت الانفصال والتعاون مع الفرنسيين عيلة الخير وكان سليمان الخير واحد من زعمائها باللاذقية وعلية اسماعيل بطرطوس وعيلة عباس في جبلة.


موقف هي الشخصيات العلوية وعلى الرغم من أنو بعضها تأثر بالأوضاع الطائفية بفترات معينة من تاريخ سوريا، بس الغالبية العظمى من القادة العلويين الوطنيين تمسكو بفكرة وحدة سوريا ورفضو أي محاولات للانفصال أو إقامة كيان طائفي مستقل. كانو مؤمنين بأنو الوحدة السورية بتشمل كافة الطوائف والمجموعات العرقية في البلاد، وأنو الانقسام الطائفي ما رح يخدم مصالح سوريا كدولة واحدة.


العلويين لعبو دور مهم بتاريخ سوريا الحديث، خصوصاً بسياق النضال ضد الاحتلال الفرنسي والسعي لتحقيق وحدة واستقلال البلاد. فشاركو بمقاومة الاستعمار الفرنسي خلال فترة الانتداب، وبرز منهن قادة وطنيين ساهمو بالمقاومة.


العلويون عموما رفضو محاولات الفرنسيين لإثارة النزعات الطائفية ورفضو الانفصال والتقسيم بعد ما حاولت فرنسا تقسيم سوريا لدول طائفية زغيرة، متل دولة دمشق، دولة حلب، ودولة العلويين، وسعو للاندماج في النضال الوطني السوري مع بقية المكونات الدينية والعرقية.


دعمو الثورة السورية الكبرى (1925-1927) وانخرطو فيها بقيادة سلطان باشا الأطرش، ورغم أنو الثورة اندلعت بجنوب سوريا، بس تأثيرها امتد لمناطق الساحل، وساهم العلويين بمواردهن وجهودهن بدعم هاد الحراك الوطني. 


بعد الاستقلال عام 1946، لعب العلويون دور في بناء الدولة السورية الحديثة، وكتير من الشخصيات العلوية انخرطت بالحياة السياسية والعسكرية، وساهمت في تكريس فكرة الوحدة الوطنية ضمن إطار دولة قوية.


فكرة الوحدة الوطنية بقيت جزء من الخطاب السياسي والاجتماعي الذي عبر عنه العديد من المثقفين والسياسيين العلويين، ورغم محاولات البعض لإبراز الطائفية أو استغلالها سياسيا، بس الغالبية من العلويين بشوفو حالهن جزء من النسيج الوطني السوري.


بالمحصلة الأجنبي ما ممكن أنو يحمي الطائفة العلوية واللي بيحميهن هي سوريا الموحدة واخوانهن السوريين العاقلين الوطنيين.


مراجع:

(1) مقال للكاتب السوري محمد تركي الربيعو في صحيفة القدس العربي

(2) موقع التاريخ السوري المعاصر (الفيسبوك)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

after_content

after_title