حرب أهلية أم ثورة شعبية

ما تعيشه سوريا منذ عام 2011 ولليوم هل هو ثورة شعب أم حرب أهلية؟




عم يتجدد النقاش والاحتدام بين السوريين على تسمية الأحداث بسوريا واللي بلشت بمنتصف شهر آذار 2011 واللي مستمرة لليوم ولو بوتيرة أقل أن كانت هي الأحداث هي ثورة وانتفاضة شعبية أم هي حرب أهلية.

انصار النظام بيرفضو رفض تام تسمية هي الأحداث بثورة شعبية لأنو هاد الشي بيعطي طابع ايجابي للحراك اللي صار، وبصور الطرف التاني (النظام) بشكل سلبي فهو قامع للثورة وللحراك الشعبي.

موقف انصار النظام من التمسية ممكن يكون مفهوم لرفض تسمية الثورة واعتبار كل الأحداث هي عبارة عن مؤامرة خارجية على النظام وعلى سوريا، وانو الجيش السوري عم يحارب إرهابيين ومتطرفين عم يتلقو دعم خارجي.

أما قسم كبير من المعارضة بشوف أنو تسمية حرب أهلية هي انكار للثورة والانتفاضة الشعبية اللي صارت على نظام بشار الأسد، ونوع من أنواع المساوة بين الطرفين المتحاربين.

طيب خلونا نجي نحلل بموضوعية ونشوف الباحثين والقواميس كيف عرفت الحروب الأهلية والثورات الشعبية.

شو يعني ثورة شعبية؟

التعريف التقليدي القديم اللي انحط مع بداية الثورة الفرنسية وهو قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة. وطور الماركسيين هاد المفهوم بتعريفهن للنخب والطلائع المثقفة بطبقة قيادات العمال اللي سماهن البروليتاريا. (3)

حسب التعريفين القديمين للثورة وبسبب عدم وجود قيادة واضحة للمعارضة فالحالة بسوريا مو ثورة.

في معجم اللغة العربية المعاصرة الثورة في معناها السياسي هي: "اندفاع عنيف من جماهير الشعب نحو تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية تغييرا أساسيا". (3)

وهاد الكلام بنطبق على الأحداث بسوريا على الأقل بالأعوام الأولى.

أما القاموس السياسي عرف الثورة على أنها "عمل من أعمال العنف يتخذ صورة نضال مسلح بقوم فيه جانب من الشعب بوجه حكومتهن خروجا على قوانينها وهاد بعرقل ممارستها لسيادتها... وإذا امتد هاد النزاع المسلح واتسع مداه حتى صارت قوات الطرفين متكافئة نوعا ما تحولت الثورة لما يعرف بالحرب الأهلية". (3)

وبناء على تعريف القاموس السياسي كمان فبداية الأحداث على الأقل هي كانت ثورة شعبية.

شو يعني حرب أهلية؟

بنص الاتفاقيات الدولية ما في تعريف للحرب الأهلية بس حسب جيمس فيرون، الباحث في الحروب الأهلية بجامعة ستانفورد، عرف الحرب الأهلية بأنها : "نزاع عنيف داخل بلد بتخوضه مجموعات منظمة بتهدف للاستيلاء على السلطة في المركز أو في منطقة ما، أو لتغيير سياسات الحكومة" (1)

برد البعض أنو تدخل القوى الأجنبية بالحرب السورية ما بخليها حرب أهلية بس الحقيقة أنو معظم الحروب الأهلية الحديثة شهدت تدخلات من قوى خارجية بأشكال مختلفة، وحسب باتريك م. ريغان بكتابه الحروب الأهلية والقوى الأجنبية (2000)، ذكر أنو تلتين الصراعات الداخلية واللي عددها 138 صراع  بين نهاية الحرب العالمية التانية وعام 2000 شهدت تدخل دولي، والولايات المتحدة شاركت بـ 35 نزاع منهن. (1)

بناء على تعريف جيمس فيرون ودراسة باتريك م. ريغان فاللي عم تعيشه سوريا وكان ذروته بين أعوام 2012 - 2016 حرب أهلية.

حسب الموسوعة البريطانية فتعريف الحرب الأهلية هو: "نزاع عنيف بين دولة وطرف أو أكتر غير حكومي داخل أراضي الدولة، وبتشمل قمع الدولة ضد الأفراد اللي لا يمكن اعتبارهن مجموعة منظمة أو متماسكة، بما فيو من إبادة جماعية وأشكال صراع مختلفة" (2)

وهاد الكلام بنطلق على الأحداث بسوريا كمان وعلى تسمية حرب أهلية.

عالم السياسة ستيفان نيكولوف بموسوعة "العنف والسلام والصراع" صنف الحرب الأهلية لـ 4 أنواع عامة هي الإبادة الجماعية والثورات والحروب الانفصالية والحروب المدولة، وذلك على اعتبار أن الحروب الأهلية ليست ظاهرة متجانسة، وبتتباين أسسها ودوافعها وأهدافها بشكل كبير. (2)

وبالتالي حسب ستيفان نيكولوف فأحداث سوريا هي حرب أهلية كمان باختلاف التصنيف لهي الحرب الأهلية.

النتيجة:

المظاهرات اللي بلشت 15 آذار كانت تظاهرات أغلبها بطابع سلمي واللي امتدت لأغلب المحافظات السورية وشارك فيها مئات الآلاف على امتداد سوريا وهاد بيعطي توصيف ثورة شعبية حسب التعاريف السابقة باستثناء التعاريف القديمة التقليدية بسبب عدم وجود قيادة واضحة للثورة.

المنحى اللي أخدته الأحداث بعدين  واللي كان بسبب العنف المفرط اللي اتبعه النظام بقمع المظاهرات باستخدامه الرصاص واقحام الجيش واللي تسبب بسقوط مئات الضحايا أحدث ردة فعل كانت بالتوجه للتسليح لحماية المظاهرات وبعدها حالات الانشقاق اللي صارت بالجيش السوري وتشكل ما يسمى الجيش الحر وظهور جماعات مسلحة تانية بطابع ديني جهادي ومشاركة مقاتلين أجانب مع النظام وضد النظام بالإضافة لظهور جماعات مسلحة تانية استغلت الظرف وطلعت لأهدافها الخاصة خلا المشهد بعيد كل البعد عن حالة الثورة الشعبية اللي كانت في البداية. 

بالأخير تسمية حرب أهلية ما بيلغي ولا بينفي أنو صار ثورة شعبية بس الاصرار على تسمية كل الأحداث بعد عام 2011 ولليوم بثورة شعبية غير منطقي وبتنافى مع علم السياسة غير أنو إساءة للثورة وللثوار الحقيقيين.

بالنهاية حابب وجه سؤال لأنصار تسمية ثورة شعبية: مين هنن الثوار اليوم؟

المصادر:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

after_content

after_title