سوريا تنزف آثارها
موجة غير مسبوقة من استنزاف التراث الثقافي وسط صمت رسمي وعجز أمني
عم تشهد سوريا اليوم أكبر موجة استنزاف للآثار في تاريخها الحديث وهاد الشي حسب المجلس الدولي للمتاحف (ICOM) اللي أطلق تحذير رسمي بخصوص تصاعد عمليات النهب والاتجار غير المشروع بالتراث الثقافي السوري، في ظل ضعف الرقابة الداخلية وتنامي الطلب الدولي على القطع الأثرية المهربة.
حسب بيان المجلس فالمدن السورية الكبرى عم تشهد رواج ملحوظ لأجهزة التنقيب الإلكترونية اللي بتم استخدامها بعمليات تنقيب غير قانونية، وغالباً بتنعرض نتائجها على مواقع التواصل الاجتماعي مشان تسويق القطع الأثرية وبيعها بشكل علني. (1)
بيع القطع الأثرية السورية صار بشكل علني وعلى صفحات على الفيسبوك بدون وجود أي ملاحقة أمنية لا على عمليات التنقيب الغير شرعية ولا على عمليات البيع والتهريب.
طالب المجلس الحكومة السورية ودول الجوار خصوصي لبنان، تركيا، والعراق، بتشديد إجراءات الرقابة على الحدود، وأنو هاد النزيف الثقافي عم يهدد الهوية التاريخية والحضارية لسوريا بشكل مباشر. (1)
بتقرير من 40 صفحة بعنوان "الاتجار بالآثار في سوريا: السفليون، لصوص القبور، والكنوز الدفونة" كتبو الباحث الدكتور السويسري أوليفييه موس ونشرو بـ 11 شباط 2020 وضّح مشاركة هيئة تحرير الشام بشكل كبير بنهب التراث الثقافي السوري بالمناطق اللي سيطرت عليها في ادلب وحلب، وبدرجات متفاوتة جماعات اسلامية حليفة ألها وفصائل جهادية. (2)
يعني الآثار اللي كانت مصدر تمويل لكتير من هي الجماعات بالأمس، اليوم وبعد ما وصلوا للسلطة تركوا المنطقة بفلتان أمني وما وقفوا ولا ضبطوا عمليات التنقيب والتهريب الغير قانونية، اللي عمل انتعاش غير مسبوق لسوق تهريب الآثار في سوريا.
حسب التقرير فالجماعات اللي لعبت دور بعمليات التهريب والتنقيب بفترة ما قبل سقوط النظام في ادلب وأجزاء من حلب كانت هيئة تحرير الشام على راس قائمتها، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنة، ولواء الحق، وحركة نور الدين الزنكي. (2)
ووفقًا لعدد من المصادر في ادلب حسب التقرير، فكل الجماعات السلفية أو الإسلامية الرئيسية (جند الأقصى، أحرار الشام، جبهة النصرة، هيئة تحرير الشام، حزب تركمانستان، إلخ) اللي كانت فاعلة بوقت من الأوقات في شمال غرب سوريا شاركت و/أو اتخذت موقف من التنقيب عن الآثار وبيعها بمناطق سيطرتها. (2)
وكان الحافز الأساسي لهي الجماعات دائماً هو تأمين مصدر إضافي للدخل من خلال بيع غنائمها لتجار الآثار في تركيا، وهي استراتيجية جديدة اتبعتها الجماعات المتطرفة اللي كانت بتهدف لتحطيم الآثار متل ما كانت تعمل من قبل بدل ما تبيعها وتربح منها.
التخريب والدمار اللي صاب الآثار السورية بيعجز أي تقرير عن توثيقها فحسب مدير الأثار والمتاحف في سوريا قال: "مليون قطعة سرقت.. عشرات الهكتارات انجرفت.. مئات المواقع تضررت" وهاد الكلام كلو برجع لعام 2019 (3)، يعني الكارثة أضعاف هي الأرقام حتى كتابة هاد المقال.
رغم أنو المذنب غالباً ما كانت التنظيمات الجهادية المتطرفة بمرحلة ما قبل سقوط النظام بس في تقارير منها أمريكية نشرتها صحيفة الشرق الأوسط عام 2015 بتقول أنو تقريباً ربع المناطق الأثرية اللي تعرضت للسرقة والنهب والتخريب كانت بمناطق سيطرة النظام ومسؤول عن عمليات تهريب كبيرة ضباط وشخصيات من النظام. (4)
في تقرير جديد للمشروع البحث حول تهريب الآثار والأنثروبولوجيا (ATHAR)، فتقريباً تلت الحالات اللي عددها 1500 حالة واللي وثقها المشروع من عام 2012 صارت بعد كانون الأول 2025. (5)
وبقول التقرير أنو وقت سقط النظام صار زيادة هائلة بعمليات النهب بالمناطق الأثرية، وقال الدكتور عمرو العظم وهو أستاذ تاريخ وثقافة الشرق الأوسط وعلم الإنسان في جامعة شواني الحكومية بأوهايو، ووهو واحد من المديرين المشاركين في مشروع ATHAR. أنو الانهيار الأمني، بالإضافة لانتشار الفقر، ولّد شي بيشبه "حمى ذهب"، في بلد بتضم كنوز من الفسيفساء والتماثيل والقطع الأثرية واللي بتنباع بأعلى الأسعار في الغرب. (5)
قالت كايتي بول، المديرة المشاركة في مشروع ATHAR والمديرة التنفيذية لمشروع الشفافية التكنولوجية: "إنو آخر 3 4 أشهر كانت أكبر فيض من تهريب الآثار شقتو بحياتي، من أي دولة على الإطلاق". وأضافت بول أنو فريق المشروع بيتتبع طريق الآثار المسروقة من الشرق الأوسط عبر الإنترنت، وأنشأ قاعدة بيانات بتضم أكتر من 26,000 لقطة شاشة وفيديو وصور تسجل المتاجرة بالآثار المسروقة من عام 2012. مؤكدة أنو "هاد هو أسرع وقت شفنا فيو بيع القطع الأثرية. مثلاً، استغرق بيع فسيفساء من الرقة العام الماضي سنة كاملة، أما هلأ فبيتم بيع فسيفساء خلال أسبوعين بس". (5)
عمليات النهب والسرقة للآثار السورية اللي وصلت لمستويات غير مسبوقة اليوم ما عم تقابلها أي حملات جدية أو محاولات أمنية لضبط وإيقاف هي الظاهرة على امتداد الجغرافيا السورية، فعمليات التنقيب الغير شرعية والسرقة عم تصير بعدة محافظات سورية منها ادلب، حلب، حماة، طرطوس، درعا وغيرها، مع غياب شبه كامل لدور الحكومة بهاد الملف اللي عم يسبب نزف كبير وغير مسبوق للتاريخ والتراث السوري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق