هل أعز الأمويون السوريين أم العكس؟

أحب الأمويون دمشق فأحبتهم أكرموا أهلها فأكرموا دولتهم




تاريخياً وبعد نهاية امبراطورية تدمر خضع السوريين لحكم الفرس والبيزنطيين واضطهدت السلطة الفارسية السوريين اللي كان أغلبهن مسيحيين من سريان غربيين وشرقيين، أما خلال الحكم البيزنطي لسوريا تراجع الوضع الاقتصادي وازدادت الضرائب على السوريين وكان البيزنطيين يسرقو خيرات سوريا وخصوصاً الحنطة وصار في حالة استياء عام من البيزنطيين وهاد سهل دخول العرب المسلمين لسوريا بعد فقدان البيزنطيين للحاضنة الشعبية.


بعد سيطرة العرب على سوريا ومدينة دمشق انتقل الأمراء والضباط العرب ليعيشو ببيوت أصحابها البيزنطيين اللي تركوها بعد هزيمتهن، وتوزعو بالمدينة وما كان بوقتها في حارات خاصة بالمسلمين وحارات خاصة بالمسيحية متل ما صار بعدين، والدليل أنو ابن عساكر ذكر بيوت للصحابة كانت بمنطقة باب توما وباب شرقي اللي صارو من قرون مناطق مسيحية، وكمان كان المسلمين بشاركو المسيحيين بالمعبد القديم (الجامع الأموي اليوم)، فكان كنيسة مسيحية في الجانب الغربي، ومسجد اسلامي في الجانب الشرقي، وكانت طقوس العبادتين بتصير ضمن بنائين جنب بعض بجمعهن سور خارجي واحد، وضلت هيك الأمور أكتر من نص قرن، حتى بلش الوليد بتحقيق مشروعه المعماري الضخم، وتحويل الكنيسة والجامع للجامع الأموي الكبير بشكله الحالي.


حسب المؤرخ الدمشقي ابن كثير اللي سرد تفاصيل مطولة عن مراحل اللي مرَ فيها الجامع الأموي وخلاصتها أنو المسلمين حافظو على 14 كنيسة، وأخذو منهن نص الكنيسة الي كانو يسموها كنيسة مَرْيُحَنّا (القديس مارْ يوحنّا المعمدان)، وبعد ما ضل الجامع الأموي كنيسة وجامع 70 سنة، بعام 705 اشترى الخليفة الوليد بن عبد الملك الكنيسة بسبب زيادة عدد المصلين مقابل بناء 4 كنائس للمسيحيين.


الدولة الأموية اللي كانت عاصمتها دمشق هي أكبر دولة في تاريخ الاسلام، وكان بني أمية أول عيلة حجازية مسلمة حاكمة وامتد حكمهن 88 سنة من سنة 662 لـ 750 وكانت عاصمة دولتهن مدينة دمشق، وبلغت ذروتها بعهد الخليفة هشام بن عبد الملك وقتها امتدت حدود الدولة الأموية من أطراف الصين بالشرق لجنوب فرنسا بالغرب.


عمل معاوية بيته اللي انعرف بدار الإمارة أو القصر الأخضر، وكان جنب الحيط الجنوبي للجامع، وموصول فيو بباب خاص، تم تدمير وحرق القصر بالكامل بالفترة الفاطمية وما ضل أي أثر منو ويعتبر أول بيت بينبنى على الطرز الدمشقي المعروف اليوم لهيك تسمية البيت الشامي التقليدي بالبيت العربي سببها ظهور التصميم بفترة حكم العرب لسوريا مو لأنو ابتكار عربي.


بقايا القصر الأخضر


استعان الأمراء الأمويين بالحريفيين الدمشقيين ببناء قصورهن وبيوتهن وحتى بصناعة مفروشاتهن وشهدت هي الفترة ازدهار بصناعات تقليدية سورية ودمشقية بشكل خاص بسبب اتساع الامبراطورية وازدياد الغنى واستعادة سوريا مكانتها كمركز تجاري هام للقوافل التجارية بين القارات بعد الاستقرار الأمني.


بنى السوريين كل قصور الأمويين بسوريا واللي أغلبها اندثر بسبب الحروب المتعافبة من هي القصور قصر سيس، قصر عنجر، قصرالحير الشرقي والغربي، قصر الرّصافة، خربة المفجر، الخرّانة، المشتى، قصر ابن وردان، قصير عمرة، قصر الأزرق، القصر الأبيض.


اعتمد الأمويين العرب على السكان المحليين السريان (السوريين) بكتير أمور بالدولة من أهمها الأمور المالية بسبب خبرة السوريين وتقدم علوم الرياضيات والحساب عندهن فبعد ما كان منصور بن يوحنا السرياني أول وزير للمالية في العهد الراشدي كان ابنه سرجون وحفيده يوحنا المعروف بالقديس يوحنا الدمشقي مسؤولين عن ديوان الأعمال والجبايات بالفترة الأموية، وكان إثناسيوس برجوميا الرهاوي مسؤول عن الإدارة المالية بمصر بعهد الخليفة عبد الملك بن مروان.


يوحنا الدمشقي


ساهم السوريين بالترجمة بسبب اتقان كتيرين منهن اليونانية بالإضافة للسريانية فتم ترجمة الإنجيل من السريانية للعربية على أيد البطريرك يوحنا أبي السدرات.


ضلت السريانية بعهد الدولة الأموية لغة الدواوين بهيئات الدولة حتى عهد عبد الملك بن مروان، وضلت السريانية لغة التخاطب الوحيدة بين السوريين طيلة فترة الدولة الأموية.


أحب معاوية دمشق من لما وصلها وضل عايش فيها وفضل ينقل عاصمة الخلافة الإسلامية ألها، وكان كل الخلفاء الأمويين من بعده عندهن علاقة خاصة بدمشق والدمشقيين وكان أهل الشام من المبايعين لمعاوية بالخلافة على حساب الحسن بعد مقتل علي بن أبي طالب، ودفعو تمن غالي بدخول العباسيين لمدينتهن بعد هزيمة الأمويين.


ما كانت علاقة الأمويين العرب بالسوريين السكان المحليين علاقة محتل وصاحب أرض، فالأمويين وخصوصا الجيل التالت منهن صار سوري على الأقل ثقافياً، فعبد الرحمن الداخل آخر أحفاد الأمويين والناجي من العباسيين وبعد وصوله الأندلس وصارت تحت حكمه سمى حي بقرطبة الرصافة نسبة للمدينة اللي بناها أجداده جنب الرقة، وقال في حنينه لسوريا:

أيها الراكب الميمِّمُ أرضي 

أقرِ مني بعضَ السلام لبعضي 

إن جسمي كما علمتَ بأرض

وفؤادي ومالكيه بأرض

قُدِّرَ البَين بيننا فافترقنا

فطوى البينُ عن جفونيَ غُمْضي 

وقضى الله بالفراق علينا

فعسى باجتماعنا سوف يقضي 



قصر الرصافة في بادية الشام  بناه هشام بن عبد الملك وقصر الرصافة في الاندلس بناه عبد الرحمن الداخل

دمشق أقدم عاصمة بالتاريخ ونشئت فيها مملكة آرام دمشق وحدة من أهم الممالك القديمة وأقواها ومن أقدم المدن بتاريخ غير منقطع اكتر من 10 آلاف سنة، تواجد فيها الأمويين 88 سنة فيها أكرمو أهلها وأحسنو معاملتهن فساهم سكانها وسكان كل سوريا بازدهار دولتهن على الصعيد الثقافي والفني والأدبي والمعماري وحتى على صعيد التنظيم المالي.


قدر يستغل الأمويين العرب قدرات السوريين وابداعهن بخدمة دولتهن وازدهارها بالمقابل قدمو الهن الأمان واعطوهن الحرية الدينية لحد كبير وما تدخلو بثقافتهن بشكل مباشر ولا فرضو عليهن اللغة العربية حتى لغة السوريين السريانية كانت لغة الدواوين بالدولة لفترة طويلة قبل ما تنتقل للعربية.


ما ممكن اليوم حصر تاريخ دمشق وسوريا بحقبة قصيرة جداً مقابل تاريخ سوريا الطويل وما ممكن ربطها بعيلة اندثرت بوفاة كل أفرادها، ومتل أنو ما ممكن للسوريين ينسو تاريخ الأمويين وازدهار سوريا بعهدهن كان لسوريا فضل كبير على الأمويين، فاسهم السوريين عسكرياً فقدمو دعم عسكري حيوي للأمويين في حروبهن وتوسعهن وساهمو بالإدارة والحكم فكانت سوريا وحدة من أهم الأراضي اللي احتلها الأمويون، وساهمو بالثقافة والتجارة فكانت سوريا مركز ثقافي وتجاري ساعد الأمويين على تعزيز ثقافتهن وزيادة ثرواتهن بالإضافة للخبرات المحلية فاستفاد الأمويون من التجارب والخبرات المحلية للشعب السوري في إدارة الأراضي والدول، وإجمالاً كانت العلاقة بين الأمويين والسوريين تعاونية فادت الطرفين.

المصادر:

(1)

(2)

(3)

(4) كتاب عصر السريان الذهبي لفيليب دي طرازي الصفحة 76 31

(5)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

after_content

after_title