رأس العين وآلاف السنين من التاريخ

اسم رأس العين هو الترجمة الحرفية لاسمها السرياني رش عيناو




رأس العين مدينة شمال غرب محافظة الحسكة وتالت أكبر مدن المحافظة وحدة من أقدم المدن في بلاد ما بين النهرين العليا، وانسكنت من العصر الحجري الحديث (حوالي 8000 قبل الميلاد)، كان الآراميين أول الحضارات اللي سكنتها. اتدمرت المدينة ورجعت انبنت أكتر من مرة، رأس العين اليوم مدينة مقسمة بعد ما تنازلت فرنسا عن قسمها الشمالي لصالح تركيا بمعاهدة أنقرة لعام 1921، اسمها التركي جيلان بينار (Ceylanpınar) وهو الترجمة لاسمها الأصلي.

قسم رأس العين جيلان بينار التركي (Ceylanpınar)

أول ذكر للمدينة كان باللغة الأكادية عام 911 قبل الميلاد خلال حكم الملك الآشوري أداد ميراري التاني باسم "رس عينا" اللي ذكرها لما ذكر انو استلم جزية الملك الأرامي آبي-سلامو ملك بيت بخياني، اسمها السرياني "رش عيناو" (ܪܝܫ ܥܝܢܐ)‏ واسم رأس العين هي الترجمة الحرفية من اللغات السامية الأقدم وبتعني رأس النبع أو اصطلاحاً تل النبع.

مدينة رأس العين

سماها الجغرافي اليوناني القديم بطليموس رايسينا، وكانت وقتها جزء من الإمبراطورية الرومانية، وتسمت رسينا/رساينا، وكمان كان في اسم يوناني تاني للمدينة هو ثيودوسيوبوليس على اسم الإمبراطور ثيودوسيوس الأول، اللي وسع المدينة في عام 380.

زار الجغرافي محمد الإدريسي المدينة بالقرن 11 وذكر اسمها رأس العين، وهاد الذكر الأول للمدينة باسمها الحالي، ووصفها بأنو  مدينة كبيرة فيها كتير مي، حوالي 300 نبع بنبع معظمهن من نهر الخابور. 

بالإضافة لاسم رأس العين، بتشير المصادر العربية الإسلامية في العصور الوسطى للمدينة باسم عين وردة، أما الأكراد اللي سكنوها سموها، "سيري كانيه" Serê Kaniyê وهو كمان الترجمة الحرفية للاسم السرياني والعربي رأس العين أو رأس النبع.

تاريخ رأس العين الحالي برجع لمستوطنة قائمة من حوالي عام 2000 قبل الميلاد، واللي صارت في أوائل الألفية الأولى قبل الميلاد مدينة "سكّان" القديمة، وهي جزء من مملكة بيت بهياني الآرامية. 

بتواجد الموقع الأثري على الحافة الجنوبية لتل الفخيرية، اللي انبنت حواليه رأس العين الحالية، وعلى بعد كم مية متر جنوب وسط المدينة وخلال أعمال التنقيب بعام 1979 التقى نقش تل فخرية الشهير ثنائي اللغة.

تل الفخيرية الأثري

دمر الساسانيين (الفرس) المدينة مرتين بعامي 578 و580، ورجعت انبنت بعد فترة.

غزا العرب المدينة وسيطرو عليها عام 640 وتسبب بهجرة كبيرة من سكانها، وبعام 942 هاجمها البيزنطيين وأسرو كتير من السجناء.

كانت رأس العين في العصر العباسي مركز تجاري مهم ومحطة هامة للقوافل ومصيف للخليفة العباسي المتوكل وغيرو من الخلفاء العباسيين.

بعام 1129 تمكن الصليبي جوسلين الأول من السيطرة على المدينة لفترة قصيرة، وقتل كتيرين من سكانها العرب.

كان للمدينة أسقفية سورية غربية وكتير من الأديرة وكان فيها كمان جامعين وكنيسة سورية شرقية وكتير من المدارس والحمامات والحدائق.

صورة لكنيسة قديمة في مدينة رأس العين

صارت رأس العين سبب قتال بين الزنكيين والأيوبيين والخوارزميين في القرنين 12 و13 وأقام فيها صلاح الدين الأيوبي سنة كاملة وقت المعارك اللي خاضها بالمنطقة.

نهبها تيمورلنك في نهاية القرن 14 وهيك انهى دور المدينة كمدينة رئيسية بمنطقة الجزيرة.

بالقرن 19 حول العثمانيين البلدة لمستعمرة للاجئين الشيشان المسلمين الهربانين من الغزو الروسي للقوقاز، وبنو فيها ثكنات وحصن لألف جندي لتنظيم وحماية اللاجئين.

خلال الإبادة الجماعية للأرمن والسريان، كانت رأس العين وحدة من نقاط التجمع الرئيسية للأرمن المرحلين. 

ومن عام 1915، شهدت منطقة جنب رأس العين مذبحة لـ 80 ألف مسيحي من الأرمن والسريان، وأغلبهن كانو نسوان وولاد، وصارت المدبحة بمعسكرات الموت الصحراوية جنب المدينة.

راس العين كانت مقر مدرسة من اكبر مدارس المشرق وأهم رجال المدرسة هو سيرجيوس الراس عيني، الطبيب والراهب والفيلسوف السرياني اللي كان أول حدا بترجم أعمال طويلة يونانية، فبلش بترجمة 26 نص لليوناني الكبير Galen بعدين ترجم ال Categories تبع ارسطو وكتب كتابين فلكيين بإيدو من علمو الخاص عن تأثير القمر وحركة الشمس.

اعمال سيرجيوس تم ترجمتها من السريانية للعربية بالاضافة لاعمال كتيرة تانية وهالشي أدى لازدهار العلم ودخول المنطقة فيما عرف باسم العصر الدهبي بالقرون الوسطى.

رأس العين كانت مركز ترجمة مهم بالأول من اليوناني للسرياني بعدها من السرياني للعربي بالعصر العباسي.

صور لقصف تركي على المدينة

رغم أنو رأس العين انعرفت تاريخيا بينابيعها وارتبطت باسمها، اليوم بتعاني من جفاف كبير بسبب السدود التركية على الفرات، وبسبب موقعها الحالي على الحدود التركية وسيطرة قوات كردية انفصالية عم تشهد المدينة كل فترة وفترة مواجهات وقصف متبادل بين الأتراك والأكراد سبب هجرة كبيرة لسكان المدينة ودمار ببعض أحياءها.

المصادر:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

after_content

after_title